الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

A Short Film About Love - فلم قصير عن الحب



تعجز الكلمات عن وصف ما يفعله كيسلوفسكي في افلامه من تغلغل في مشاعر الانسان العميقة ، ومن ثم مداعبتها بعنف وتقليبها و احيائها و الرقي في معرفة النفس الانسانية ووجوديتها في هذا الكون .









" فيلم قصير عن الحب " ، هو فعليا ليس بقصير ولكن لأن الحب أمر لا يفسره فلم واحد ولا رواية واحدة فكان الأنسب هو هذا المسمى . فهو فلم قصير عن الحب .
ولكن الفلم للمشاهد المتأمل ، سيجد فيه ضالته ان كان باحثا عن فيلم يتكلم عن الحب ، الحب هنا لم يكن عن شاب وشابة اغوتهما الحياة واشتدت بينهم العاطفة فنرى ذلك المشهد الجنسي الشهواني  الذي يؤدي بهما الى علاقة حميمة ترسي بحياتهما الى السعادة ولو لفترة .
الأمر مختلف ..





توميك شخصية كتبت بشكل مناسب جدا ، مختلفة عن باقي الشخصيات التي عهدناها في افلام العلاقات .
توميك يعيش حياته وحيدا ، و كان للوحدة اثر سلبي على حياته فهو قليل التحدث و كما عرفنا من حوارات الفلم ان حياته اما في التعلم او بمراقبة حسنائه الثلاثينة ماجدة .
توميك لا يرى في حياته سوى ماجدة ، لا يريد غيرها ولا يملأ عينيه سواها ، حتى ان والدة صديقه التي يعيش معها دعته الى جواره كي يشاهد معها حفل تتويج ملكة جمال بولندا ولكنه لم يكترث له ومن المفترض ان شاب بعمر التاسع عشر ان يثيره هذا الأمر ولكن هو لا يهمه هنا سوى ماجدة .
 و في الحقيقة توميك وماجدة بينهما ترابط وترابط قوي وهو الوحدة ، نعم ماجدة تستضيف يوميا ذلك الرجل الذي ينظر الى ماجدة كجسد مثير ليشبع رغباته فيه ، لكن وحدتها كانت داخليا في اعماق نفسها ووجدانها فهي تخطت الثلاثين و لم تجد الحب الذي نسمع عنه حتى ايقنت انه غير موجود .





ماجدة في بداية الفلم يتضح لنا من المشاهد انها فنانة ، و لكن سرعان ما علمنا ان موهبتها ضائعة ولا تملك سوى جسدها كي تعيش، وهذه قضية انسانية في هذا العالم اللا انساني ، اسقطها كيسلوفسكي في شخصية ماجدة على هذا النحو المتميز الذي شاهدناه في الفيلم .

_



عندما اتت ماجدة الى البريد الذي يعمل فيه توميك متسائلة عن الشيكات التي تصلها دون مصدر للمرة الثانية ويخبرها توميك انه لا يوجد مال لصرفه ( وهو في الحقيقة توميك من كان يضعها في بريدها كي يستطيع لقائها في مكان عمله )  ، طلبت من توميك مناداة المديرة فعندما قدمت غضبت على ماجدة و صاحت عليها بأنها كاذبة وتحاول التحايل علينا لكي تحصل على المال فخرجت باكية ودموعها اثرت في تمويك كونه هو المتسبب الفعلي بها و "هي الى الآن لا تعرف من هو بالظبط توميك الا في مصادفات في الحي نفسه " فلحقها وعندما تجاهلته اخبرها بأنه شاهدها بالأمس تبكي .
فلم يجد حلا لكي يستطيع محادثتها سوى اخبارها بحقيقة مراقبته لها .
بعد سنة كاملة تجرأ توميك ليخبرها ، كان الأمر صعبا جدا على شخصية مثل شخصية توميك ، فهو بالكاد يتحدث فكيف بافصاح عن سر مثل هذا .

_

توميك كان يستخدم طريقة اخرى للقائها وهو في العمل بتوزيع الحليب في الصباح الباكر و بالتالي يعرج على بيتها فيلاقيها .
عمل متعب في وقت مبكر جدا كي يستطيع لقائها ولو ثواني معدودة .
بعد حادثة البريد واخبارها بأنها تراقبه ، انتظرته في الصباح الذي يليه ففاجأته وبدأ بينهما حوار شيق .
تتسائل ماجدة عماذا يريد منها ، هل يريد قبلة ؟ هل يريد ممارسة الحب ؟ فيصر على الجواب بالنفي .



عندما وجهت هذه الأسئلة الى توميك ، اجابها بالنفي رغم ان جوابه قد يكون العكس فهو في الحقيقة وفي داخل وجدانه يريد قبلة ويريد ممارسة الحب ولكنه لا يريد ان تظنه مثل ذلك الشهواني الذي يريد متعة جسدها لا اكثر ، كان يريدها ان تعرف انه يحبها ، ويريدها لأنه يحبها قبل كل شيء .

وقد يكون خائفا ، فهو يحبها ويفهم هذا الشعور ، لكن لا يفهم الجنس ولم يجربه من قبل .






في هذا المشهد المعقد ، توميك كان مرتبكا جدا ، لم يكن متوقعا ان يكون معها في غرفة واحدة ولوحدهما .
المشكلة هي في أن ماجدة مصرة انه لا يوجد ما يسمى بالحب وهو قدم اليها بهذا الدافع .
ثم تغريه حتى ينتهي و تؤكد له " ارأيت .. هذا ما تسميه الحب ( مشيرة الى الشهوة والجنس ) .
وهذا ما كسر قلبه و دمر مشاعره حتى ركض باكيا الى شقته وبدأ بعملية الانتحار .
_

استطاع المستشفى اللحاق قبل موته ، وخرج بعد عدة ايام منها . واصبحت ماجدة مهووسة برجوعه وتنتظره بفارغ الصبر .
الحب بدأ يتولد فيها ، بدأت تشعر بوجوده و بأنه يتخلل بين شرايينها، علمت قوته في ما فعله توميك بنفسه .
وعندما قدمت ماجدة الى شقته ، دخلت الى غرفته  فوجدته نائما ويده مربوطة نظر للجرح ومنعتها ام صديق توميك من ازعاجه او امساك يده .
انتقلت لتشاهد البؤرة التي كان توميك يشاهدها منها ، دائما الكرسي والنافذة التي بقي توميك لمدة سنة يتأملها ويشاهد كل ما تفعل .






تشاهد ماجدة البؤرة فتتخيل ذلك اليوم ، يوم بكت وشاهدها توميك .
ان الإنسان لا يستطيع العيش بدون الحب ، بدونه تصبح الحياة داكنة مظلمة ، صعبة العيش .
هذا المشهد قد يكون من اعظم المشاهد التي جسدها مخرج عن الحب واثره النفسي على الانسان واهميته .
هنا مشهد يصور لنا الفراغ الذي يملؤه وجود الحب بين شخص وآخر .
هنا مشهد يصور لنا قوة العاطفة وتجلياتها الايجابية و اهمية وجودها .

هنا مشهد قصير عن الحب ..


__

8.5/10


_

مازلت مبتدئا في الكتابة فلذلك اعذروني على ضعف الكتابة و انعدام الخبرة
، اتمنى انكم وجدتموها مفيدة وممتعة ..










الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

Barton Fink - قراءة

عندما نتكلم عن الأخوة كوين فنحن نتكلم عن عبقرية اخراجية وكتابية متفردة بالطرح تحمل في طياتها الدهاء و الذكاء .
هذه قراءة بسيطة لبعض المشاهد والرموز في بارتون فينك وبالتأكيد تحتمل الخطأ والصواب .

Barton Fink 
1991
By coens brothers


بارتون فينك هو كاتب مسرحي في بداياته تنجح اول مسرحياته نجاح متميز ، فيعرض عليه لكي يذهب للوس انجلوس كي يكتب فلم  عن الملاكمة لاحد الاستديوهات هناك .
ما يهمني هنا ليس طرح قصته او كتابة تقرير ومقدمة عن الفلم , بل قراءة لبعض ما حصل في هذا الفلم العبقري ومناقشته معكم .
نلاحظ بالفلم مشاهد تكون ما بين الحقيقة والخيال بل احيانا اعتقد شخصيا ان ما يحدث كله من خيال بارتون فينك .



عندما شرع بارتون بالكتابة ، بدأ يستمع الى صوت مزعج من الجار فيتصل على الاستقبال كي يروا ما هي مشكلته .
هذا كله نعرفه , السؤال هو هل تشارلي هذا جار باروتن فعلا ؟ ام هو من خياله ؟ .
لو نلاحظ طوال مدة الفلم لم نشاهد شخصا بالفندق عدا بارتون وتشارلي وهذا ما يدعو للتساؤل آ لماذا هما وحدهما ؟ لماذا لم نرى غيرهما ؟
فلنحاول الاجابة بعد قليل , لكن في وسط هذا كله هناك قصة اخرى مصاحبة لقصة بارتون وتشارلي .


الكاتب بيل , وهو يعتبر لبارتون احد اقوى الكتاب ويعتبره من الأفضل في هذا المجال .
الأهم منه هي تلك المرأة التي تصاحبه و هي انها سكرتيرته اودري الخاصة وايضا حبيبته .
يدعو بارتون اودري الى غرفته في الفندق بعد معاناة مع الكتابة وعدم مقدرته على كتابة النص .
تأتيه اودري ، فينصدم ويغضب عندما يعلم ان اودري هي التي في الحقيقة تكتب لبيل السيناريو وبعض الكتب
وكونه كاتب يعتبر هذا الأمر جريمة بحق الكتابة واهانة وصدمة له كون بيل يعتبره اسطورته و مثله الاعلى .

 حدثت لحظة رومنسية كما تسمى ، فمارسا الجنس سويا وناما معا .


عندما صحا بارتون في اليوم التالي وجد اودري مقتولة بجانبه ..
 يستنجد بارتون بتشارلي كي ينقذه من هذه المشكلة العويصة ، وبالفعل يساعده ولكن يأتي بصندوق مغلق غريب له بعد ذلك ولا يخبره بما فيه ويرجح الكثيرين انه رأس اودري ، بعد ذلك بارتون يجد القدرة على الكتابة ، والذي افسره انه بعدما رحل كل مشتت كان يشتت رأسه عن الكتابة . ( تشارلي و اودري و الكاتب بيل )

الآن اهم مشهدين بالفلم وهما مفاتيح فك شفرات الفلم .

المشهد الأول ، هو مشهد الرقص :

يرقص بارتون مع فتاة حسناء وكل من حوله اصحاب مهن اليد مثل البحرية والعساكر وغيرهما ، فيطلب احدهم ان يرقص مع الفتاة فيغضب من الحاحه ويصرخ :( انا كاتب ، عقلي هو لباسي الموحد ، انا مبتكر ) بعكسهم  ، المشهد هذا يعبر عن غضب داخلي لبارتون ، من المجتمع ومن اصحاب المهن العملية والتي لا تحتاج الى العقل والابتكار ، وكون المجتمع او العامة يحترمون هذه المهن و يمجدونها ويشتهرون فيها اصحابها اكثر من الكاتب الذي يتعب ويستخدم العقل والابتكار والصناعة .



المشهد الثاني :" I will show you the life of a mind "

شخصيا اعتبر هذا المشهد من اكثر المشاهد العبقرية التي شاهدتها .

التفسير الشخصي :

تشارلي شخصية خيالية تقع في عقل بارتون الباطني تمثل عامل مشتت لبارتون وايضا تمثل معاناته العقلية والنفسية .
لنعيد صياغة ما حدث .
اول ما شرع في الكتابة بدأ ظهور تشارلي و لم يظهر صوت تشارلي قبل الشروع بالكتابة اي انه لم يدركه الا لما بدأ بالكتابة.
ثانيا قضية اودري ، ذكرنا سابقا كيف كان غضب بارتون منها لأنها كانت تضحي بكتاباتها وتتركها للكاتب بيل ( وهو يراها كأنها باعت روحها ككاتب ) ، ما يجول في رأسي ان مبادئ بارتون دعته هو لقتل اودري لا احد غيره ، و عندما استنجد بتشارلي هو في الحقيقة استنجد بنفسه وساعد نفسه بتشارلي " الشخصية الخيالية المتواجدة في عقله الباطني " بعد قتلها تحرر بارتون منها ومن تشتيتها و اخيرا استطاع ان يتحرر من تشارلي فشرع بالكتابة بكل اقتدار واستطاع ان ينهي السيناريو .
المشهد الاخير وهو مشهد تشارلي يركض بين النيران ويصرخ سأريكم كيف هي حياة العقل ويقوم باطلاق النار عليهم ويقتل الثاني بقوله " هاي هتلر " ، ما استنجته من المشهد هو تصوير جهد و اضطراب وعنف و جنون ما يحدث داخل عقل بارتون ( عقل الكاتب المبتكر ) .

هناك امور ورموز اخر تحتاج الى تفسير وأيضا مشاهد اخر قد تقسر ما قلته لكن هذا ما في جعبتي واستطعت تقديمه .
اتمنى أني افدتكم ولو بعض الشيء .