الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

Inglorious Basterds ~ بين أعنف قتالات الرجال .. قد ثارت امرأة .

إن اندلاع الحروب لم ولن يكون ذو ربح سديد ولا فرح مستمر ولا كسب مكتمل .
بل على النقيض ، جنود يموتون ، اطفال يشردون و تُنحر برائتهم ، عجائز يرون الموت قبل موعده .
قصص حب في أولها تدمّر، عائلة بسيطة جميلة تتشتّت ، انثى تندثر انوثتها ورقتها .



http://ghostradio.files.wordpress.com/2009/08/inglourious_basterds-poster2.jpg


 يبتدأ بنا تارانتينو الفيلم بالكريديت ، المهم هنا هي الموسيقى التي اختارها .
موسيقى هادئة جدا و رائعة تدفع بالمستمع الى انتظار ما سيحدث ، وعند نهايتها يطرح لنا اول جملة في الفيلم كله .
" في زمن مضى ، النازين احتلوا فرنسا .."
جملة نبدأ معها الفيلم تشعرك بهول الفكرة وجبروت النازيين ، بينما لطالما كانت بسيطة عند قرائتها في الكتب او المقالات .






http://whatculture.com/wp-content/uploads/2011/04/redemption-for-lapetit.jpg

يدخل صيّاد اليهود بهدوء على هذه العائلة الصغيرة وكأنه حمل وديع جاء للزيارة مما يثير قلق صاحب البيت (بيرييه ) أكثر .
فهدوءه وثقته تدل على فطنته ومعرفته بما يحدث حوله ، ولكن قلب بيرييه يصلّي ويتمنى عدم عرفته .
عدم معرفته بأن هناك عائلة يهودية كاملة مختبئة تحت أرجلهم ، تحت اللوح الخشبي للأرضية .
يبدأ الكولونيل جلسته بطلب لبن من البان مزرعتهم اللذيذ بشغف ، كما لو أن هذا هو سبب قدومه .
يبدأ حوارهم بسلاسة وهدوء مخيف ، يستفسر ما يعلم بيرييه عن العائلة اليهودية عائلة درافيس وهي العائلة الوحيدة التي
لم يجدوا لها اثر ولم يعلموا خبرا يقينا عنها .
يحاول بيرييه المرواغه بتعلل بسماع اشاعات فقط ،ويرد عليه الكولونيل :
" انا احب الإشاعات .. الحقائق قد تكون خاطئة ، أما الإشاعات فهي تحتمل الخطا والصواب ، هي دوما تكشف الحقائق "
الرد مربك لبيرييه ، حاول الهرب منه ولكنه توجه الى طريق هو ما يريده الكولونيل أن يذهب اليه .
يرد بيرييه : بأن الاشاعات تقول بهربهم لإسبانيا .
يتسائل الكولونيل عن افراد العائلة ويسأله عنه اساميهم واعمارهم ويدوّنها . هل هو حقا لا يعرف ؟
انها طريقة اخرى لدراسة ردوده حول هذا الأمر ودقّة معلوماته واسلوب مراوغته .

 يتغير مجرى الحوار فجأة ، الا ان هذا التغير لهو مرتبط بعائلة درافيس أكثر من أسألته عنهم وعن اساميهم واعمارهم ، كيف ذلك ؟
يتكلم الكولونيل عن الحيوانات كرموز للنازين و اليهود ، فاختار الصقر لنفسه وللنازين لشهرته بالصيد والبحث ، والفئران لليهود لاشتهارهم آن ذاك بالهروب والإختباء ، تشبيه لأبعاد ذكية  .
يبدأ يتحدث الكولونيل بسخرية حول نظرة الناس للفئران ، ويتسائل ما إن دخل فئر الى البيت ماذا سيفعل به ، بالتأكيد سيقابله بعداء .
الكولونيل في الحقيقة يخبره أنه يعلم أنه يخبئ العائلة اليهودية ، يعلم أنهم مختبئين تحت رجليه .
فلو اختصرنا وسطحنا الحوار لأصبح هكذا " انا اعلم انك محتجز اليهود تحتنا فاعترف ولا تتذاكى " .
ولكن اختار التلاعب ، اختار السخرية . فهو انسان يعشق التذاكي و استفزاز مشاعر الخوف في من امامه .

حتى ارغمه بهذه الطريقة بالإعتراف بدون أي مراوغة ومحاولة للكذب .

* الذي شاهد فيلم True Romance ، ويتذكر مشهد الصقلي ، سيدرك عبقرية تارانتينو في الكتابة الحوارية بهذا الأسلوب .




http://i191.photobucket.com/albums/z43/sevenarts/conversations/008/basterds02.jpg

" اوروفوار ، شوشانا ! "

شوشانا هي الوحيدة التي استطاعت الهرب بعد اطلاق النار من قبل النازين على العائلة .
تركها الكولونيل بخبثه ، لأنه يتعامل مع فكرة صيد اليهود كلعبة ، إعجابه بهذا اللقب لأنه يشعره و كأنه رأس هذه اللعبة و عظيمها .
تهرب شوشانا راكضة بوسخها حافية و دماء اهلها المقتولين على لباسها و جسدها .
رغم هذا كلّه الا اننا عشنا صورة خلابة ، بذلك البيت الريفي الصغير ، والعشب الأخضر والأشجار المعمرّة .
انه هرب فتاة هاربة من الأساس ، لكنها الآن ستهرب من هويتها ايضاّ، ستهرب من حقيقتها .
ستهرب من ذنبها وهو أنها كانت يهودية ! .




http://www.examiner.com/images/blog/wysiwyg/image/bilde(41).jpg


" اوغاد مجهولون "

رحلتنا مع هؤلاء الأوغاد الأمريكان اليهود ، رحلة شديدة العنف والدموية .
فهم يلتقطون النازيين كي يعذبوهم و يقتلونهم وفي النهاية يقطعون فروات رؤوسهم ويحتفظون بها .
أتوا الى فرنسا لمحاربة الاحتلال النازي ، وفعل ما سبق ذكرناه بهؤلاء النازين " الإنتقام " .



http://remingtons.files.wordpress.com/2011/04/inglourious_basterds16dignity.jpg

 الرقيب  " وارنر "

يأمره الملازم الدو " براد بيت "بالقدوم إليه فيجلسه أمامه .
إن الأوغاد يتعاملون مع قانون محدد الا هو عدم حمل اسرى نازين ، اما قتلهم أو إخلاء سبيلهم .
يضع الملازم الدو امام الرقيب خريطة ويطلب منه اخباره بأماكن الدوريات النازية السرية ، عددهم واسلحتهم وما الى ذلك .
يرد الرقيب بسخرية المتفاخر " هل تتوقع مني أن أخبرك بالمعلومات التي ستعرض الألمان للخطر ؟"
فيصر الملازم على أن يخبره .
يرد الرقيب بطريقة مهذبة ، يضع يده على قلبه ، على الشعار والعلم النازي ، ويرفض ذلك .
ولكن يعطيه الملازم فرصة اخرى ، لكن هذه المرة يرد بوقاحة ويقول " تبا لك ولكلابك اليهود "
نجد ان الأوغاد كلهم فرحوا وضحكوا لذلك ، لأنهم يريدون رؤية الدب اليهودي يضربه بمضرب البيسبول .
إنه مع العذاب والرهبة التي يعيشونها لا شيء يريح قلبهم ويبعد هذه الرهبة و يسعدهم كضرب رقيب نازي واثق حتى الموت .
عندما نادى الملازم الدو الدب اليهودي لكي يتقدم ويضربه بمضربه .
قال بتملق على الرقيب " هناك الماني يريد الموت في سبيل وطنه "
أعتبر هذه الجملة أحد أهم الجمل في هذا الفيلم ،
هو يظن في قلبه ووجدانه أنه يضحي من أجل وطنه ، وهذا ما يُخدع به اكثر المواطنين والجنود في كثير من الحروب وقت اندلاعها .
انما هي حروب ليست للوطن ، بل هي حروب الحكومات المستبدة والكاذبة والتي تتلاعب بمواطنيها بفكرة الوطن و الوفاء
كي يسيروهم على ما يريدون ، يخيلون لهم المجد والخلود عن طريق المحاربة لهذه الحكومات و الرئاسات الإستغفالية .
هذا الكذب والتلاعب نراه يوميا في كل حرب وكل تصريح من رئيس و حاكم متسلّط وكاذب ويذهب ضحيتها المواطن العادي المهووس بمفهوم الوطنية .
 إسقاط ذكي و عميق في هذا المشهد حقيقة .




http://www.yourprops.com/movieprops/original/yp_50043f9f019cb5.72800706/Shosanna-s-hero-passport.jpg


من هي شوشانا الآن ؟

شوشانا وهروبها من هويتها الحقيقية ، هي الآن متنكرة بفتاة اسمها امانويل ميميا لديها سينما عرض ورثتها من خالتها .
و هذه الوظيفة لا تثير الشكوك بسبب اهتمام الفرنسيين بالسينما كثيرا ، وتقديسهم لصانعيها .
لكن آن القدر أن يربك تنكرّها ، و يجبرها على أن تعيد حساباتها . بعد أن يصافدها احد اهم الجنود النازيين فريدريك ريزل المفعم بالسينما وأحد عشاقها .
 تكتشف شوشانا لاحقا في لقاء اخر انه قتل 250 يهوديا .
مازال فريدريك يحاول كسب حبّها جاهلا بكونها يهودية و تكره نازيته ، وزاد على ذلك علمها بإنجازه " ال 250 قتيل " .
يخبرها أنه صور فيلم سينمائي عن نفس انجازه ، لاحقا تأتي سيارة لتقلها من دار السينما الى احد المطاعم الفاخرة .
في المطعم فريدريك موجود ، و رئيسه المهتم كثيرا بفلم فريدريك وهو احد المهتمين بالسينما .
يقرران عرض الفيلم في دار عرض شوشانا رغبة من فريدريك ، وهي لا تستطيع الإعتراض بالتأكيد .
ظهور الكولونيل " صياد اليهود " كان أهم ما في هذا المشهد ، عندما جالسها لوحدها .
 يحاورها وكأنه لا يعرفها ، حوار بسيط جدا عن دار السينما الخاصة بها وكيف سيأمنه بحيث وكّل هو بتأمين الدار .
في ظل هذا كله ، يطلب من النادل جلب لبن صافي لها ، ترجمة هذا الطلب " اني اعلم انك شوشانا " .
يا الهي كم هو لعوب و خبيث .
قد لا تكون الشخصية بذلك العمق بعكس شوشانا ، لكن كُتبت بشكل متقن ودقيق واختار لها تارانتينو من كان لها .
كمعلومة لكم ، كاد تارانتينو أن يلغي العمل لأنه قام باختبار كثير من الأشخاص فلم يجد من هو مناسب .
حتى بعد طول مدة جاء كريستوفر والتز كهدية قدرية له بعدما فقد الأمل وانظروا ماذا قدّم لهذه الشخصية .
في كل كلمة يقولها وكل نظرة وابتسامة وضحكة ورائها أشد مراتب الخبث فظاعة .
حصل في تلك السنة على أوسكار افضل ممثل في مهرجان كان ، و أفضل ممثل مساعد في الأوسكار .


http://moviejunkyard.files.wordpress.com/2011/07/inglourious_basterds28-1.jpg


- عملية كينو .

عملية تم تنظيمها من انجلترا تهدف الى تفجير دار العرض والتي سيعرض بها فيلم " فخر الأمة " عن النازي فريدريك الذي
قتل 250 يهوديا .
ترسل انجلترا أحد جنودها و احد المثقفين بسينما المانيا ، وأيضا لغته الألمانية ممتازة وهو الملازم "آرشي " (مايكل فاسبيندر) لفرنسا كي يرافق نجمة ذلك العهد "بريدجيت هامسمارك" بجانب اثنين اخرين من الالمان الاصلين الخائنين للنازية .


-  في قبو المقهى.
كان اختيار بريدجيت لهذا المكان لندرة وجود المان فيه ، فبالعادة يكون كلهم فرنسيين .
لذلك هو افضل مكان ليجتمعوا فيه ويتفقوا على الخطة المطلوبة لتفجير دار العرض .
لكن شاء القدر أن يكون في هذا اليوم جنود نازيين يحتفلون فرحا بولادة ابن لأحدهم .
بعد ان اجتمعوا وحاولوا بدأ الحوار والتخطيط يخرج لهم لواء نازي من خلف المقهى .
كان يستمع اليهم منصتا ولا أحد يعلم وجوده في المقهى .
يجلس معهم اللواء متظاهرا أنه لا يشك في حقيقتهم ، فلهجة آرشي كانت مختلفة عن لهجة الألمان المعروفة .
ثم يبدأ مشهد القتل الجماعي والذي يعشقه تارانتينو و وجدانه في عدة افلام له بتصوير رائع كما عوّدنا ، أفضل هنا أن تعيدوا مشاهدة المشهد  .

http://www.youtube.com/watch?v=vfiNVTPqWPY


المثير هنا أن عملية كينو ، لا تعلم بها شوشانا فهي خططت بنفسها لتنتقم وتنوي تنفيذها على طريقتها .
وكذلك الأوغاد لا يعلمون عن شوشانا أي شيء .


حقيقة قصة الأوغاد لا تهمني في هذه المقالة كما تهمني قصة شوشانا ،فإني أراها أهم شخصية في الفيلم وأهم مسار بها .


----

يوم شوشانا ، يوم ثورتها .. يوم الإنتقام .
نعم شوشانا الشابة البريئة قد دمّرتها هذه الحرب فأصبح لا يجول في رأسها سوى فكرة الإنتقام .
تريد الإستمتاع بمشاهدة محرقة للنازين كما استمتعوا بقتل عائلتها امام عينيها .


 http://www.cinemablend.com/images/news/14519/_1251257318.jpg


لاحظوا روعة الصورة هنا ، شوشانا والإنعكاس الصوري لها على العلم النازي .
 دلالة على ثورتها الداخلية على النازية  .
دلالة على تدمير هذا العلم والشعار لأحلامها وانسانيتها  .
إن النازية وهتلر أصبحوا هوس شوشانا ، فلا تريد بحياتها الآن سوى ابادتهم .





http://www.mediafire.com/imgbnc.php/75250ddea9dd60e7f27c8176eb558e84909a1ce2950ec9456704eb049decefe36g.jpg

فريدريك وشوشانا ، نازي ويهودية .
في ظروف اخرى كان من الممكن أن تتكون علاقة جميلة بينهم ، إلا أن الحرب و شناعته دمرّت كل هذا  .
فتنعزل الأحاسيس الروحانية عن روح الإنسان ولا ينظر إليها ، لم ترى شوشانا الجانب الجميل من فريدريك ، فهي لا ترى فيه
سوى أنه نازي قبيح قاتل لأرواح طيبة .
يقول فريدرك عندما أتى اليها :
" لم يتبقى من الفيلم سوى مشاهد تفجيري للجيوش ، مما يجعل الباقي من الفيلم شيء لا أود مشاهدته "
الجانب الإنساني في فريدريك متواجد لكن النازية و استغلالها له قد أخفى هذا عن قلبه .
بعد أن أطلقت النار شوشانا على فريدريك ، شاهدت صورته في الفيلم و بدأت تظهر العاطفة .
العاطفة التي كانت شوشانا عنها عمياء ، فريدريك فعل الكثير من أجلها ولكنها لم تتنبه اليه الا بعد اطلاق النار أي بعد فوات الأوان .


----------


http://images.mondo.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2009/08/inglourious-basterds_pic2_m.jpg


تلاعب في كتابة التاريخ ، فأنشأ لنا صورة غريبة ومتميزة ورائعة عن النازية واليهود .
لاحظنا في الفيلم تعبير صوري جميل في كثير من الأحيان وهذا ما تميز به تارانتينو هذه المرة .
أيضا الحوارات القوية جدا جدا ، كانت مكتوبة بشكل متقن ، مثيرة بشكل لا يوصف .
 شخصية شوشانا كانت شخصية عميقة جدا وهي الأهم لذلك حاولت أن أركز عليها في المراجعة قدر الإمكان .
قد لا يكون الفيلم من أفضل أفلام الحرب لدى البعض ، الا أنه من أمتعها على الإطلاق ، كل مشهد له لذته الخاصة .
وشخصيا لا أمل من هذا الفيلم ابدا ، وافلام تارانتينو على العموم .


الأحد، 23 ديسمبر 2012

اغسطس 31 في مدينة اوسلو - Oslo, August 31st



Fake Criterion for Joachim Trier’s Oslo, August 31st


الخطايا هي طبيعة بشرية نقترفها و لكل امرؤ خطيئته التي لطالما يتمنى العودة بالزمن كي يمتنع عن اقترافها .
هكذا نحن البشر ، حتى ونحن نعلم عواقب هذا الفعل ، نصر على القيام به ثم نندم على ذلك .
انه الانجراف نحو الغرائز بتجاهل العقل و الواقع و العواقب .







 اندريش هنا وصل الى نقطة لا يرى رغبة في العيش ، اصبح المحيط  بلا حياة ، كئيبا ذا سوداوية قاتلة .
امتلأ بمشاعر الوحدة ، تكونت في عقله فكرة مخيفة بعد ترك حبيبته ايسلين له وهي أن لا احد يحتاجه في هذا العالم، اذا ما الغرض من وجوده !
 حاول الانتحار ولكن لم يستطع ، انعش هذا المشهد ذاكرتي بمشهد جولييت بينوتشي في دورها بتحفة كيسلوفسكي اللون الازرق عندما حاولت الانتحار ولكنها لم تستطع ، الرابط والاسباب متشابهة .






http://timeoutchicago.com/sites/timeoutchicago.com/files/imagecache/timeout_492x330/392.fi.fi.fw.osloaugust31st.jpg

اندريش تعالج من مرضه وقارب على الانتهاء من برنامجه الخاص لعلاج ادمانه .
ما يهمه الان ، هل يستقبله المجتمع هل سيغفر له ما فعله ؟ هل سيتركون ماضيه وينظرون الى حاضره ومستقبله ؟
انها مشكلة اجتماعية عويصة ، عدم المغفرة للأشخاص ظنا انهم لن يتغيروا حتى بعد ندمهم وتركهم لهذا الفعل .
او انها صورة تعلق لهذا الشخص ، فمهما فعل من خير و تحسن فالصورة العالقة هي الصورة المشوهة و السلبية له .



 http://media.coveringmedia.com/media/images/movies/2012/05/20/oslo_06ca.jpg

ان هذه الأسرة الصغيرة الجميلة  ، هو كل ما تمناه اندريش في حياته .
يتمنى العيش مع ايسلين ( حبيبته السابقة ) ، ان يتزوجها ويكوّن اسرة و يعيش حياة بسيطة هادئة و سعيدة  .
يتفاجأ اندريش عندما حادث صديقه ثوماس انهم في الحقيقة ليسوا مرتاحين ولا سعيدين .
بل العكس تماما ، فهم بالكاد يجلسان سويا ، بالكاد يتحدثان بانفراد محادثة صغيرة .
ثوماس مشغول بعمله ومشغول بالاطفال وكذلك زوجته .
اندريش وهو يسمع لهذا الكلام ، تقلّص امله بأن يعيش تلك الحياة التي يريدها .
كان يبحث عن ما يعزّز له ذلك في حياة صديقه ولكن حدث له العكس .
--

بعد ذهاب اندريش الى احد المجلات المرسل اليها لمقابلة عمل ، يتفاجأ المحرر بذكاء اندريش وثقافته حول هذا العمل .
لكن المشكلة في سيرته الذاتية هو عدم وجود اي معلومات منذ 2005 وحتى مقابلته .
يحاول اندريش المراوغة واخفاء السبب ، ولكن في النهاية اخبره بأنه كان مدمنا للمخدرات .
" ولكنني نظيف الان ، لم اشرب البيرة حتى منذ 10 اشهر "
لم يغير كلام اندريش من نظرة المحرر له فقد ارتبك وحاول مجاملته ، ولكن واضح من تلعثمه بالكلام انه قد علقت في ذهنه حقيقته السابقة ك مدمن مخدرات .
نحن هكذا لا نغفر الخطايا و نتغاضى عنها ، و نتجاهل الحسن و تتمسك اذهاننا بالسيء  . 
يأخذ اندريش ملفه حزينا وغاضبا مما يحدث له ويترك المقابلة .


http://cinemarave1945.files.wordpress.com/2012/12/2.png


إن مشهد المقهى واحد من اعمق واجمل المشاهد هذه السنة .
نجده يستمع الى حديث النساء المتزوجات مع اولادهن ، وهذا الحديث يستفز امل المستقبل الطفيف و الحاضر الأسود الحزين .
يستمع الى احلام الناس من حوله ، قصص الحب والعلاقات ، يجد انعكاسها على ماضيه وحاضره ومستقبله .
متعب هذا الأمر لأي انسان مجروح وموجوع في داخله .
ومازال اندريش متأملا من ايسلين ان تتصل به و يستمع الى صوتها ولو لثواني ولكن ما من مجيب له .

--------------

ان اندريش رغم جزمه بأن العالم ليس جميلا ،  كان يصدق بوجود ولو قليل من الوفاء و المحبة من اقرب الناس اليه .
اخته امتنعت عن رؤيته متعللة بعدم جاهزيتها لاستقباله ، ايسلين حبيبته تتجاهله ولا ترد على اي من مكالماته .
حاول ان يتعامل مع امرأة اخرى  لكن لم يستطع رغم جمالها و خفتها و لطفها معه ،  فعقله وقلبه معلق بايسلين لا غير .
في بدايتنا معه حاول الانتحار ولكنه لم يستطع ، لأن املا بصيصا مازال موجودا في داخله .
لكن بعدما شهده في محاولته للاتصال الاجتماعي مع الناس ، من يعرف ولا يعرف .
بعدما حاول التواصل مع حبيبته ولو باتصال واحد ، تجاهلته رغم العشرة والحب الذي كان بينهما .
ذلك الامل البصيص الذي اعانه على المضي ومحاولة العيش ، قد تلاشى .
فنجده في النهاية يأخذ جرعة زائدة كي يرتاح من تلك الحياة المؤلمة .


-------------------------------------


http://anthem-uploads.s3.amazonaws.com/wp-content/uploads/dev_JOACHIM_TRIER.jpg


جودة الصورة في هذا الفيلم خلابة ، وهناك صور معبرة و عميقة للغاية .
ما فعله المخرج حقيقة جميل جدا ، فقد عشنا حياة مدمن يتعافى بأدق التفاصيل فيه وفي من حوله .
الدور الذي قام به اندريش يحتاج قدرة متميزة بالتمثيل و كان بالفعل لها.
قام بالدور بأجمل حلّة ، ففي كل نظرة و تعبير يخبرنا بشيء في داخله دون الحاجة الى الكلمات .

البداية كانت رحلة لطيفة يصوّر لنا المخرج الجمال البسيط  لتلك المدينة الصغيرة اوسلو .
اما في النهاية فلمن لم يلحظ فهي الأماكن التي تواجد فيها اندريش خلال رحلتنا معه في الفيلم .

جميل ما قام به فعلا ، و ننتظر منه افلاما مستقبلية تحمل رؤوية انسانية ملهمة كهذا .
8.5/10 .

الخميس، 20 ديسمبر 2012

Holy Motors - المتشرد والجمال .




إن الإنسان مخلوق بعقل وقلب يختلفان عن سائر المخلوقات الأخرى المتواجدة في هذا الكون البديع
 فالإنسان له روح معقدة مستحيلة التفسير وخاب من قلل من شأنها و لم يحترم ويعظم هذا الأمر في نفسه .
 ما الجمال ؟ نجد تسطيحا غريبا لهذا المفهوم من قبل هذا الانسان مع أن المفترض هو العكس تماما ، بل تصل الى نظرة دونية لمفهوم الجمال .

سأتكلم هنا عن مشهد واحد فقط من Holy Motors .

Holy Motors - 2012, Leos Carax